Skip to main content

العدوان على مخيمات طولكرم وجنين.. مخطط إسرائيلي لإبادة الإنسان والجغرافيا 

30 حزيران 2025
https://qudsn.co/c60fb480-e186-11ef-8404-d30c5c3e5bd7.jpg

متابعة - شبكة قُدس: منذ أشهر؛ يتعرض مخيم جنين، لعدوان إسرائيلي واسع، تجاوز طبيعته الأمنية ليأخذ شكل عملية إبادة جغرافية واجتماعية شاملة. وتتكرر الصورة ذاتها في مخيمي طولكرم ونور شمس، حيث تتوالى عمليات الهدم، والإخلاء القسري، والتجريف، والاعتداءات العسكرية التي باتت تُهدد وجود هذه المخيمات كمكان وكرمز في الوعي الفلسطيني. 

إن ما يجري، يظهر، أنّ الاحتلال الإسرائيلي يسير ضمن مخطط مدروس يستهدف تدمير المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، تمهيدًا لتغيير المعالم الديمغرافية والجغرافية للمنطقة، واستكمال مشروع تهويدي طويل الأمد.

جنين.. 161 يومًا من الهدم والتهجير

تشهد مدينة جنين ومخيمها منذ 21 كانون الثاني/يناير 2025 حملة عدوانية واسعة النطاق، وفي كل يوم، يتعمق العدوان الإسرائيلي ويشتد الحصار، وسط عمليات هدم وتجريف ممنهجة. 

أكثر من 600 منزل هُدمت بشكل كلي، فيما لحقت أضرار جزئية بآلاف البيوت التي باتت غير صالحة للسكن، وقد تسببت العمليات العسكرية المستمرة في نزوح أكثر من 22 ألف فلسطيني بشكل قسري، في ظل منع الاحتلال عودتهم حتى اللحظة.

تترافق هذه العمليات مع استيلاء الاحتلال على مئات الدونمات من الأراضي الزراعية المحيطة، كما حدث مؤخرًا في قرية رابا جنوب شرق جنين، حيث جرى الاستيلاء على أكثر من 2000 دونم، بالتزامن مع إخطارات بمصادرة أراضٍ واسعة في بلدة يعبد جنوب غرب المدينة. 

وتُظهر هذه الخطوات أن الاحتلال لا يستهدف فقط المقاومين أو البنية التحتية للمقاومة، كما يزعم، بل يسعى لتجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم، وإخراجهم من الجغرافيا بالكامل.

ترافقت عمليات الهدم مع اقتحامات ليلية مكثفة، كما حصل في حي الجابريات، حيث جرى طرد السكان من عمارة "الطاهر" وتحويلها إلى ثكنة عسكرية، وتكررت مشاهد الاقتحام والاعتداء في قرى مثل مركة، وسط إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات ناجمة عن عبوات ناسفة أطلقها المقاومون.

الهلال الأحمر الفلسطيني وثّق مئات الانتهاكات، من بينها اعتداء جنود الاحتلال على مدني يبلغ من العمر 43 عامًا قرب الطريق الالتفافي للمدينة، وهو مثال من عشرات الحالات اليومية المشابهة.

مخيما طولكرم ونور شمس: التدمير المتدرج للمخيمات

في مخيمي طولكرم ونور شمس، تتكرر الصورة القاتمة نفسها، حيث تواصل قوات الاحتلال عدوانها منذ أكثر من 150 يومًا؛ فمخيم نور شمس وحده يشهد الحصار والتدمير منذ 141 يومًا متتاليًا. وقد أعلنت قوات الاحتلال رسميًا في أيار/مايو 2025 عن نيتها هدم 106 مبانٍ في المخيمين: 58 في طولكرم، و48 في نور شمس، بذريعة "فتح طرق وتغيير المعالم الجغرافية"، وهي عبارات تُخفي خلفها مشروع تهجير ممنهج.

وهذا العدوان أسفر حتى الآن عن استشهاد 13 فلسطينيا حتى اليوم، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما كانت في الشهر الثامن من الحمل، إضافة إلى عشرات الإصابات، والاعتقالات، والتنكيل بالفلسطينيين.

 عمليات الهدم طالت أكثر من 400 منزل بشكل كلي، فيما تضرر 2573 منزلًا بشكل جزئي، وقد أدى هذا التدمير إلى تهجير أكثر من 25 ألف فلسطيني، في ظل إغلاق مداخل المخيمين.

وتشهد المنطقة منذ أسابيع تصعيدًا عسكريًا، مع تعزيزات دائمة لقوات الاحتلال، وتحليق مكثف لطائرات الاستطلاع، وعمليات دهم وتفتيش لبلدات شمال طولكرم مثل عتيل، وبلعا، ودير الغصون. وقد سُجلت عمليات اعتقال جماعي كما حصل مع عائلة أبو العوف التي اعتُقل منها أربعة شبّان في ساعات الفجر بعد تخريب محتويات منازلهم.

ما الذي يريده الاحتلال فعليًا من هذه العمليات؟

تُظهر الوقائع على الأرض أن الاحتلال لا يستهدف فقط "البنية التحتية للمقاومة"، بل يتعامل مع المخيمات باعتبارها خطرًا وجوديًا يجب اجتثاثه، وهدف الاحتلال يتجاوز الأهداف العسكرية التكتيكية، ويتجه نحو محو بيئة كاملة، حيث يتحول المخيم من حاضنة شعبية إلى منطقة منكوبة وغير قابلة للحياة.

كما يريد الاحتلال إنهاء الحالة المقاومة التي تمثلها بشكل مهم المخيمات، وتحطيم رمزية "النكبة الدائمة" التي يجسدها المخيم الفلسطيني، كما يسعى لخلق منطقة عازلة بين شمال الضفة وفلسطين المحتلة 48، وهذا ما يؤكد أن هدم المخيمات خطوة مدروسة وليست فقط ميدانية.

 

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا